كم هو عظيمٌ هذا الشعور الذي ينتاب الإنسان حين يحضر إطلاق كتاب عن شخص يعرفه منذ أكثر من ثلث قرن.
هذا هو الشعور الذي انتاب الجميع عصر أول من أمس الأحد، في قصر بعبدا، في إطلاق الكتاب عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي يحمل عنوان Ce que je crois بنسخته الفرنسية، وما به أؤمن بنسخته العربية.
***
من تصفَّح الكتاب على عجالة، عادت به الذاكرة ثلث قرن إلى الوراء، مع بداية بروز العماد عون، حين كان قائداً للواء الثامن في الجيش اللبناني، ثم حين أصبح قائداً للجيش في أواسط الثمانينيات، وصولاً إلى تعيينه رئيساً للحكومة الإنتقالية.
أول من أمس الأحد، في بهو قصر بعبدا، لمناسبة إطلاق الكتاب، ردَّد الحضور:
كنا هنا منذ تسعة وعشرين عاماً، كان الواقف أمامنا، رئيس الجمهورية، هو إياه الذي كان واقفاً أمامنا عام 1988، ولكن ببدلته العسكرية. كان طموحه لا حدود له ويتجاوز أسوار القصر، وكان حلمه استرداد الوطن حتى آخر شبر واستعادة المواطن حتى آخر فرد.
***
ومن تصفَّح صفحات من الكتاب، كانت الذاكرة تعود به إلى الوراء، كأن هذا الكتاب قُرئ قبل أن يصبح كتاباً. فكأنهم سمعوا محتواه من العماد عون شخصياً، وما وجدوه في الكتاب هو توثيق لما يعرفونه ولِما قاله على مسامع الجميع.
***
أما لمَن لا يعرفون العماد عون، فالكتاب هو رؤية رئيس الجمهورية في عدد من الأمور والمبادئ الحياتية، وقد جاء عصارة فكره وخبرته على امتداد عقود من الزمن، عاش فيها تجارب انسانية وحياتية مختلفة قادته إلى تكوين رؤية شاملة في الإنسان والحياة والمجتمع والله والإيمان والعطاء والسياسة.
***
وفي تفنيدٍ لأهمية نشر الكتاب، تقول ابنته ميراي عون الهاشم:
خلال العديد من جلساتنا العائلية سألنا أنفسنا:
تُرى، ماذا سيقرأ أولادُنا في المستقبل عن جدّهم؟
أيُّ معلومات ستقدّم لهم؟
وماذا ستعرف الأجيالُ القادمة عنه؟
فقررنا انصافاً للحقيقة أولاً... وإنصافاً له ثانياً، وإنصافاً لنا ثالثاً، أن نسعى لتصلَ حقيقتُه إلى الناس، كما هي، من خلالِ المصادرِ الأصيلة لفكرِه وقولِه وعملِه.
***
الكتاب فريد من نوعه، فلا هو كتابٌ سياسي بالمعنى الجاف لكلمة سياسة، ولا هو كتاب فلسفي، بالمعنى النظري للكلمة، هو كتاب في تجربة الحياة لشخصٍ استثنائيّ سواء في قيادة الجيش أو في الزعامة الوطنية أو في رئاسة الجمهورية.
***
في الكتاب فصولٌ عن ثنائيات متعاكسة:
الحب - الحقد، الفرح - الألم، الذكر - الأنثى. وفيه علامات استفهام وتساؤلات عن اللاوعي والغفران. وفيه أيضاً توسيع لمفهوم الحب في مختلف أوجهه:
حب الوطن والحقيقة والحرية.
ثم ينتقل الكتاب إلى الخيارات السياسية الكبرى التي مرت في الحياة العامة للعماد عون، كما هناك تثبيت لوقائع بمثابة شهادات.
***
يعطي رئيس الجمهورية أهمية قصوى للكتاب إلى درجة أنَّه يقول في مناسبة إطلاقه:
ربما كان لي أثر في تاريخ لبنان، والجيل الآتي رغب في معرفتي، فيمكنه من خلال هذا الكتاب أن يعرف فيّ الإنسان الذي أنا عليه. ومن خلال كتب أخرى ستكتب أو هي في طور الكتابة، بإمكانه أن يتعرّف إلى الأحداث التي عشناها.
نحن عرفناه عن كثب، ويبقى للأجيال أن تعرفه من خلال هذا الكتاب القيِّم.